فكرت كتير في عنوان لهذا الكلام خصوصا لاني من الثورة – اللي لسه مخلصتش بالمناسبة- لم أكتب … و دي مش وسيلة لاعتراض ولا اعراض اكتئاب و لكن زي ما تقولوا كده كتير بيبقي جوانا و بيدور في دماغنا كلام و أفكار كتيرة بتتدفق بشكل رائع و مرتب لدرجة ان من كترها منعرفش نطلع حاجة منها و تبقي النتيجة في النهاية …. زيرو.
اللي حصل النهاردة صادف انه حصل و انا في طريقي الي مكان يدعو للتأمل و اخراج افكاري فيه واحده واحده .. لكن بما انه لسه حاصل طازة فضلت حكايته برضه و هو طازة.
كنت أمر بأحد الشوارع الفرعية بالمهندسين محاولة للهروب من الزحمة و اذا بي ادخل هذا الشارع الصغير جدا اللي فيه مدرسة كبيرة جدا فيها عدد رهيب من الطلاب و المدرسين بسياراتهم الكتيرة برضه اللي دايما بتركن أمام المدرسة .. و بالتالي مفيش فرصة قدام المرور الا انه يحول الشارع ده الي اتجاه واحد و الا شكرا … هيبقي ميدان رمسيس المصغر و أكثر تعقيدا شويتين .
تذكرت اني كل مرة امر من الشارع ده اكون من غير العربية و الاقي عشرات العربيات اللي داخلة عكس علشان تنجز و تختصر الوقت كتير كنت بوقفهم و اتكلم معاهم و منهم اللي بيستجيب و يعتذر و منهم اللي “فاكس”.. ساعتها كنت بتمني اني يكون معايا العربية علشان أقفل عليهم و تتراكم ورايا العربيات و ميبقاش قدام المعاكسين غير فرصة الرجوع مع ذكري سيئة تخليهم يفكروا و لو مرة قبل ما يقرروا يدخلوا – علي الأقل الشارع ده- عكسي .
المهم .. المرة دي حظي السعيد -أو التعيس مش عارفة- كان معايا العربية و لسه بفكر انه لو حد جه عكسي هقفله ولا ايه؟؟!! وجدت هذا الكائن الطفيلي يداخل بالعربية بسرعة طريق مصر اسكندرية و انت قبل الساحل بعشرين كيلو و هتموت و تشوف البحر …. يدخل كالتنين الهارب بهيكله -اللي هو العربية طبعا- من علماء الحفريات و هووووب فرمل وشي في وشه و كانت البداية.
نظر لي نظرة ايه فيه ايه
رددت عليه بالاشارات : الطريق ده اتجاه واحد انت كده عكس
ظهر رجل محترم جدا في سن والدي و يضحك ضحكة المنتصر و يقول لي : ايوه كده .. حركة أسد صحيح.. دول بهدلونا في الشارع … فعرفت انه من سكان المنطقة
أما أخينا التنين نظر لي نظرة بلهاء بابتسامة تحاول ان تقول : اه انا جنتل مان و هعديكي ثم ضرب المارش دارير و رجع للوراء و شاور لي ان أمر .. ثم تحولت النظرة البلهاء الي نظرة استعجاب و تتنيح عندما وجدني اشاور له مخرجة نصفي من الشباك : لأ أنا مش هعدي اتفضل حضرتك لأن ده عكسي .
بدأ يعي الموقف و نظر لي نظرة عند و شاور من داخل السيارة : لأ مش همشي و هدخل يعني هدخل .. و خلينا قاعدين .. بطلت العربية و نزلت فوجدت الرجل المحترم يقول لي : لا لا يا بنتي مش للدرجة دي خلاص سيبيه .
رددت : و لما اسيبه مين هيوقفه هو و اللي زيه عند حده ؟؟!!
أجاب : و الله والله انت صح بس انت بنت و ميصحش تقفي في الشارع كده .. لم أفهم وقتها معني كده … كده يعني ايه .. كده يعني بعلي صوتي و انادي علي الحق ؟ و لكني عذرته لأنه كان فعلا قلقا من الموقف .
رددت : لو كلنا وقفنا هو اللي زيه سواء قاصدين أو مكسلين مش هيعملوا كده تاني .
ثم التفت خلفي لأجد ثلاث سيارات قد تراكمت فأعتذرت لهم و قلت رافعة صوتي محدش يزمرلي اللي شايفني صح ينزل يساعدني و يكلمه … لما عرفت بعد كده كانوا جميعهم في صفي و لكنهم لم ينزلوا الا واحد … نزل من الزهق لاننا طولنا …
ذهبت لهذا التنين و شاورت له أن يفتح زجاج العربية حتي أفهم وجهة نظره و أوضح موقفي فأنزل بالزجاج فقلت بهدوء : حضرتك ده اتجاه عكسي .
رد ببرود : مين اللي قال
بهدوء اللهم طولك يا روح قلت : شايف الرصيف ده بيبين لك ان اتجاه واحد غير العلامة دي غير المتاريس اللي المرور حطاها .
رد بعند : انا بدخل من هنا دايما و كده اسهل و أقرب
رددت بنفاذ صبر : لأ هو حضرتك ده اتجاه واحد و الله و الناس اللي ورايا مبيتكلموش علشان عارفين الكلام ده – فنظرت لأجد الصف زاد لاخر الشارع-
ردد بتناحة : طيب هواتجاه عكس و انا هدخل كده يعني هدخل , ما كل الناس بتمشي غلط
علت نبرة صوتي : ما هو احنا مش لازم نبقي غلط لمجرد ان ده زي الناس .. و بعدين المسأله مش محتاجة عند و لا هي مسألة كرامة .. عادي طب مانا كمان ساعات بغلط و بتلخبط و لما حد بيقول لي بعتذر و بمشي ده مبيقللش مني ده بيكبرني أكتر و …
قاطعني بجرعة مضاعفة من التناحة لم اتمالك نفسي بعدها : انا هدخل كده يعني كده و ده مش غلط
استشط غضبا و قلت : طب احنا نجيب الشرطة بقي هما اللي يفصلوا ده صح ولا غلط و عدت الي سيارتي لأطلب الشرطة و هنا اكتشفت حاجتين بيدلوا علي شيء واحد
الأولي : اني اتلخبط في رقم الشرطة و اتصلت ب 123 اسعاف بدلا من 122 شرطة ثم ايقنت ان 122 هي الشرطة فكلمتهم.
الثانية : ان الأرقام دي مبتتحسبش علي الرصيد لأني مكانش معايا رصيد و لقيته بيتكلم عادي الحمد لله … أكيد مكنتش هروح أشحن و أسيبهم أو استلف من التنين. J
و الحاجتين دول خلوني اتفاجأ ” اننا عمرنا ما استنجدنا بالنجدة ” للأسف … و يمكن ده لأننا عمرنا ما اعتقدنا انها هتنجدنا …
أفقت علي صوت رجل : أيوه
رددت بنبرة الأفلام العربية الكلاسيكية : بوليس النجدة ؟؟!!
أجاب : أيوة يا فندم .. خير
رددت بسيل من الكلام كالحنفية : أنا في شارع كذا كذا و ده اتجاه واحد و في واحد جاي عكس و انا موقفة الطريق و رايا عربيات و هو عاند .. الخ
أجاب : اسم حضرتك و رقمك
أجبت باسمي و سألته … الرقم اللي بتكلم منه مش ظاهر عندك؟ … مش فاهمة ايه التناكة الي كنت فيها ديه بس فجأة كان نفس احس اني بكلم 911 و المفجأه انه طلع ظاهر عنده …العدد الصيني برضه فرقت كتير مع البلد ديه J
رد : حاضر هنبعتلك عربية دورية حالا
فقلت : و أنا لو مشي هكلم حضرتك شكرا .
انتظرنا و انتظرنا و انتظرنا و خمس دقائق كانت كبيرة جدا علي شارع بيمتليء بالعربيات و اللي في اخر الصف منها لا يكف عن التزمير لأنه مش عارف فيه ايه ؟
نزل بعض أصحاب السيارات ليقنعني بالتحرك و لم أفهم هما بيقنعوني أنا ليه ما يروحوا للبرنس اللي لما بصيت عليه لقيته عدل سيارته و فتح الطريق و كأنه ينتظر ان يأتي البوليس و يجده راكن علي ناصية الشارع و يلبسني الليله … و ده اللي حاول سائقي السيارات ان يقنعوني به ..
لكني كانت حجتي الأشخاص الذين شاهدوا القصة من البداية و حتي لو سكتوا … كنت بعمل الصح و مش قلقانة من أي عواقب .
جاء احد السائقين و قال : انت مستنية البوليس .. مش هييجي .. مش هيعبرنا .. و هنقف و خلاص و احنا ورانا أشغال و ولاد .
قلت له : أنا أسفة اني معطلاكوا بس في يوم من الأيام هييجي واحد زي ده هيعطلنا كلنا في حاجات أخطر و مش هنعرف نتكلم معاه و بعدين ايه البديل ؟ اسيبه يعمل الغلط و أمشي .. الكلام ده يوجه ليه هو مش لي … الناس اللي متضايقة تروح تكلمه .. هو اللي معطلنا …
رد في اسي : ما البلد كلها خربانة .. هما سابوها تخرب
رددت : خلاص خلينا نلحق و لو حته صغيرة منها … ساعدني نحاول
فهز رأسه و ذهب هو و مجموعة من الرجال يتكلموا مع هذا التنين الساقع جدا و عادوا ليقولوا ليه انه وافق … مكنش ناقص غير اني اسمعهم بيقولوا له السكوت علامة الرضا ..
شكرتهم و ركبنا السيارات و اتصلت بالشرطة مرة اخري و انا احكي لهم اخر التطورات لأجد هذا العنيد يعطي اشارة انتظار و ينتظر ان تمر السيارات و انا اولهم حتي يعود بظهره و يدخل الشارع عكس .. علما بأنه كان وصل للشارع التالي الصحيح … تسألت في نفسي : ايه كم العند ده في الغلط و الاستماتة في اني ابلطج بالرغم من انه راكب سيارة حديثة و يرتدي ملابس نضيفة و يبدو عليه انه متعلم جدا ..
فأثارني عنده في الغلط و استعيبت اني ماعندش في الصح … فاديت انتظار و رجعت بظهري ووقفت وراه حتي لا تتسني له فرصة العودة ..
والمضحك انالبوليسكان معي علي الهواء مباشرة يحاول ان يقول لي ماذا أفعل و يخبرني انه بالفعل بعث بسيارة دورية
ووسط المكالمة وجدت أحد السيارات اللي كانت معطله ورائي ركنت قدام و رجع يتكلم مع التنين بتاعنا حتي أقنعه و مشي ثم جاء عند سيارتي و انتظر ان انهي مكالمتي مع الشرطة و التي طالت
قلت فيها ما لم أكن أخطط لقوله : أرجوكم .. أنا و الناس اللي ورايا ضيعنا ربع ساعة أو أكتر من وقتنا علشان مش عايزيين عوج .. عايزيين البلد دي تمشي صح .. بالرغم من أي حاجة جوانا بنحاول نساعدكوا … من فضلك أنا بطلب وجود عسكري واحد يحسم الأمر عند الشارع ده و الشوارع اللي زيه… هتفرق معايا و مع ناس كتير … هنحس انكوا بتسمعونا و اننا مش بنكلم نفسنا … ساعدونا علشان نساعدكوا …. خلونا نمحي أي صورة مشوهة حتي لو انت مكنتش جزء منها … كانت المكالمة كلها رجاء و عتاب في نفس الوقت و لم يرد عليها سوي بكثير من حاضر يا فندم ..
و قفلت لأجد صاحب السيارة اللي مشى التنين يقول لي : انت صح تماما و احنا سكتنا, لكن انا رحت له قلتله “انت غلط يبقي كان لازم تسكت و تمشي و مكانش لازم تعند” .. بصي أنا خايف انه يقدم فيكي بلاغ كاذب فأخذت نمرة عربيته .. خليها معاكي يمكن تحتاجيها … شكرته و مشيت و دخلت الشارع اللي بعده لأجد نقطة مرور كبيره كنت ناسياها تماما فركنت و نزلت للعقيد اللي كان هناك و حكيتله القصة و من غير تتطويل طلبت منه انه يحط عسكري في الشارع ده … موضحة ان ده هيفرق معانا كلنا … هيفرق كتير .. أتأكد من اسم الشارع و اكد لي ان هيعمل ده و انا علي يقين ان ده هيحصل مش علشان واثقة فيه .. علشان احنا مش هنسكت مبقاش ينفع السكوت ..
طلب مني اني اديله رقم العربية فرفضت و فهمته اني اخدتها علشان لوعمل لي بلاغ كاذب .. و قلتله ان مكانكوا انكوا تمنعوا الغلط قبل ما يحصل .. فخليكوا في المكان ده … و مش عايزين أكتر من كده ..التجربة دي انا مريت و بمر بيها كل يوم بأشكال مختلفة و يمكن مبتكبرش كده دايما .. بس لو احنا 10 في كل منطقة و بنعمل ده أكيد هنخلي ناس كتير تفكر و تعيد نظر..
يا كل مصري … تنحنا من تلاتين لستين سنة في الغلط … خلوقنا نتنح في الصح … و الله .. و الله …. بتفرق .
أه و علي فكرة .. لما يحطوا العسكري .. هقولوكوا 🙂
من أول الشارع الجانبي
كانت معكم
نسمة زعزوع